منتديات سوالف وذكريات الصقر sowalef wathekrayat
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

اهمية التربة للفرد والمجتمع

اذهب الى الأسفل

اهمية التربة للفرد والمجتمع Empty اهمية التربة للفرد والمجتمع

مُساهمة  الشيخ راكان السبت أكتوبر 13, 2012 5:37 am

أهمية التربية للفرد والمجتمع:

أولا: أهمية التربية للفرد:

1/ العلم لا ينتقل من جيل إلى جيل بالوراثة:

إن العلوم التي يكتسبها الآباء لا تنتقل إلى الأبناء بالوراثة البيولوجية كما هو الشأن في الصفات الفطرية غير المكتسبة، فابن الجاهل وابن العالم يولدان متساويين من حيث خلو الذهن من المعرفة، وإنما العلم (ميراث اجتماعي) جاهد الجنس البشري في اكتسابه وحافظ عليه آلاف السنين، ولا يمكن انتقاله من جيل إلى جيل إلا بالمشقة والتعب، وإذا أراد الجيل السابق أن ينقل إلى الجيل اللاحق ما تجمع لديه من معارف ومهارات وتقاليد ومثل عليا فما عليه إلا أن يشمر عن ساعد الجد ويشرع في عملية التربية من جديد، وما دام الطفل يولد خاليًا الذهن من العلوم التي حصلها أسلافه عبر الأجيال فإنه محتاج إلى التربية احتياجًا شديدا.. ولقد قال أحد المربين: إن التربية عملية ينتقل بها الإنسان من الهمجية إلى المدنية، وقال آخر: إن السبب الذي من أجله نحتاج إلى التربية هو أن الأطفال لا يولدون بشرًا بل يصيرون بشرًا بفضل التربية"(1).

2/ الطفل مخلوق كثير الاتكال وقابل للتكيف:

إن الطفل مخلوق ضعيف كثير الاتكال بالنسبة إلى صغار الحيوانات مع أنه أرقاها مرتبة وأشدها ذكاء وهو طويل الطفولة، ويستمر في ضعفه واتكاله مدة مديدة، فلا يناهز البلوغ بوجه التقريب قبل الثالثة عشرة من عمره، ولا يبلغ أشده قبل الثامنة عشرة، ولعل السبب في ذلك أنه يولد قبل أن يتم نضجه وتكتمل مقدرته على مجابهة الحياة، فضلا عن أنه بعد الولادة يظل زمانًا طويلاً متخلف النضج بطيء النمو، وهذا يقودنا إلى الكلام عن خاصة أخرى للطفولة، تضاف إلى الاتكالية وهي قابلية التكيف أو المرونة ، ولما كان الطفل كثير الاتكال قابلاً للتكيف فإنه يحتاج إلى الشيء الكثير من الرعاية والتوجيه حتى يصير قادرًا على نفع نفسه وذويه وخدمه جماعته وبلاده، ومما لا شك فيه أن المدرسة هي من أقدر المؤسسات على القيام بهذا العمل الخطير فهي حلقة الاتصال بين الأجيال الناشئة وبين حضارة الأجيال السابقة، بل هي أم الحضارة والقيمة عليها(1).

3/ البيئة البشرية كثيرة التعقيد:

إن بيئة الإنسان كثيرة التعقيد وذلك بأنه كلما تقدم الإنسان في طريق الحضارة اتسمت بيئته وتعددت متطلباتها وكثرة مشكلاتها، واشتدت أزماتها، فازدادت حاجته إلى التربية، وأصبح مضطرًا إلى أن يبذل جهودًا جبارة في سبيل تكييف نفسه وفقًا لهذه البيئة، ومن هنا يتضح لنا السبب الذي من أجله تعمل الأمم الناهضة على تمديد مدة التعلم ما استطاعت إلى ذلك سبيلاً(1).

وهذا بشأن تعقد البيئة، أما بشأن تبدلها فهو كذلك مما يزيد الفرد حاجة إلى التربية، إن العالم في تطور مستمر، فعالم الأمس هو غير عالم اليوم، وعالم اليوم هو غير عالم الغد، وإن كذلك العلم الحديث قد زاد هذا التطور سرعة، إزاء هذا التغير السريع المستمر ترى المدرسة من واجبها أن تعد الجيل الناشيء لعالم اليوم وعالم الغد معًا، فتعودهم المرونة في أفكارهم وأعمالهم واتجاهاتهم ليكونوا قادرين على تكييف أنفسهم بمقتضى التغير الذي يجري حولهم، في مختلف نواحي الحياة، وقال الإمام علي بهذا المعنى: "لا تعودوا بنيكم على أخلاقكم فإنهم مخلوقون لزمان غير زمانكم"(1).

4/ التوجيه والسيطرة الاجتماعية:

إن الكبار يتمسكون بقيمهم وأنماطهم السلوكية فيذهبون إلى إكسابها للصغار، وهم يبالغون في ذلك حين يتجاهلون ظروف الصغار وإمكانياتهم وتطلعاتهم، ولذلك تقوم (حركات الاصلاح الاجتماعي والثورات الاجتماعية) التي تلجًأ إليها التربية لتحقيق أهدافها الاجتماعية عن طريق إكسابها للأفراد والمجتمع، من خلال تعديل وتغيير في الأفكار الجديدة وما يترتب عليها من تبديل وتغيير في أنماط السلوك(1).

5/ تحقيق النمو الشامل:

التربية تهي الوسائل المختلفة لتحقيق إمكانيات النمو للطفل عقليًا واجتماعيًا وجسمانيًا، والبيئة هي الوسط التربوي لذلك، فالطفل يعتمد على الكبار في اكتسابه للخبرة اللازمة لتفاعله وتكيفه مع الآخرين، وتكسب هذه الخبرة بتكوين العادات الإيجابية والتي يسيطر بها الطفل على بيئته ويستخدمها في تحقيق أهدافه، وتتمثل في الطاقة الإيجابية التي تعينه على التكيف ومواجهة الظروف المتغيرة والجديدة وهكذا نخلص إلى أن عملية النمو تستلزم وجود شرطين هما: الاعتماد على الآخرين، والمرونة(1).

6/ اكتساب الخبرة:

التربية عملية اكتساب خبرة اجتماعية، والبيئة الاجتماعية هي الوسيط في ذلك، فالطفل حين يتفاعل مع الأفراد والجماعات تفاعلاً يشبع حاجاته الاجتماعية والعقلية والجسمية، يكون حريصًا على اكتساب رضاهم وعلى اكتساب المزيد من الخبرات بهدف سرعة التكيف والاندماج في الحياة، وهو لهذا ينضم في الجماعات لكي يشعر بالانتماء إلى الجماعة، فيشعر بالانتماء إلى الجماعة ويشعره بكيانه واستقراره النفسي(1).

7/ التربية وسيلة اتصال وتنمية للأفراد:

إن بقاء المجتمع لا يعتمد فقط على نقل نمط الحياة عن طريق اتصال الكبار بالصغار أيا كان نوع هذا الاتصال، ولكن بقاء المجتمع يتسم بالاتصال الذي يؤكد المشاركة في المفاهيم، والتشابه في المشاعر للحصول علىالاستجابات المتوافقة من أفراد المجتمع في المواقف المعينة، فإن الاتصال يكون مربيًا وذا أثر داخلي حين يكون قائمًا على الخبرة ووحدة الأهداف والميول المشتركة وذلك هو الاتصال المرغوب المفضل بين الأباء وألآبناء، وبين المدرسين والتلاميذ، وبين الرئيس والمرءوس، ولكي نضمن علاقة إيجابية ذات أثر تربوي بين أعضاء المجتمع، فإن الحياة الاجتماعية لا تتطلب لدوامها التدريس والتعليم فقط، ولكنها تتطلب التربية لأنها تزيد الخبرة، وتخلق الاحساس بالمسؤولية، وتوحد الاهتمامات، فتتلاقى الاتجاهات، وفي هذا يقول جون ديوي: إن أي تنظيم اجتماعي لكي يبقى اجتماعيًا يجب أن يكون مربيًا للمشتركين فيه، فالتنظيم الاجتماعي يفقد قوته التربوية إذا بقي على نحو روتيني أو شكلي في علاقاته فقط، وهذا يقود إلى الانعزالية بين أفراده وعدم المساواة في تحصيل الخبرة، ويضيف قائلاً: إن عدم المساواة في التحصيل بين الكبير والصغير لا تتطلب تسليم الأخير فقط، ولكن تتطلب ضرورة تعديل مستوى الخبرة وتقليلها وتكيفها لكي يسهل توصيلها وتداولها"(1).

8/ تكوين الاتجاهات السلوكية:

تتحقق من خلال التربية عمل البيئة الاجتماعية في الطريقة الوحيدة التي يسيطر بها الكبار على تربية الصغار إنما تحدث بالسيطرة على البيئة التي يعملون فيها ويفكرون ويشعرون ، فالبيئة التي تتكون من العوامل والظروف التي تنمي النشاط المميز، وتثيره للكائن الحي أو تدخره وتضعفه أن الوسط أو البيئة إنما تعني (النشاط البيئي) كشرط للحياة بصرف النظر عن النجاح والفشل.

إن الأثر التربوي للبيئة الاجتماعية ينعكس في تكوين شخصية الفرد واتجاهاته العقلية والعاطفية، وفي تحديد أنماطه السلوكية، وإن البيئة تتطلب من الأفراد الاستجابات معينة في مواقف معينة، فالوسط الخاص الذي يعيش فيه الفرد يقوده لرؤية أشياء أكثر من غيرها، ويتخذ أسلوب معين في العمل بنجاح مع الآخرين، وهكذا يكتسب الفرد من هذا الوسط اتجاهًا سلوكيًا معينًا يظهر في نشاطه وتفاعله مع أهل بيته.

وتتكون الاتجاهات السلوكية في البيئة بواسطة تشكيل العادات النافعة للطفل وتثبيتها وتعديل دوافعه الأصلية، على أساس مبدأ اللذة والألم، ودور البيئة كذلك في تزويد الفرد بالمواقف والمثيرات التي يستجيب لها وفق نمط الاستجابة للبيئة وهكذا تكون التربية عملية تعلم لأنماط سلوكية موجودة في البيئة لوجود مثيراتها، كما أن الأنماط السلوكية تختلف من بيئة إلى أخرى تبعًأ لاختلاف المثيرات واختلاف الاستجابات المترتبة عليها(1).

9/ اكتساب اللغة:

ويتضح أثر البيئة في تعليم اللغة وتحصيل المعرفة ، فالطفل يتعلم اللغة وأساليب الكلام من مخالطيه في مراحل نموه الأولى، وتكون اللغة والمعرفة عندئذ في أبسط صورهما، والأم حين تقدم لأبنها لعبة أو كساء أو غذاء فإنها تنطق صوتًا معينًا يصاحب تقديم هذا الشيء، وبما أن الابن سيكون طرفًا في هذا الاتصال لأن الأمر يعنيه فإنه يتعرف على الشيء وإسمه، وهنا تكون اللغة كصوت وأداة تعبيرية عن الأشياء ومعانيها قد اتضحت للطفل، وبتكرار هذه المواقف التي تتصل بحاجات الطفل واهتماماته فإن التعرف على الأشياء ومعانيها يكون أول مستويات الخبرة المحسوسة، وهكذا تنمو المعرفة والخبرة عند الصغير بسيطرته على اللغة وأساليب الكلام، كأدوات اتصال لها معانيها وقيمتها عند الأطراف المشتركة في مناشط الحياة ومواقفها(1).

10/ اكتساب القيم الخلقية والجمالية وتذوقها:

إن النشأة الطيبة والأخلاق الطيبة تتأتى من الأفعال الملموسة في نشاط الحياة أكثر مما تتأتى من أساليب الوعظ والإرشاد، فالأخلاق تتكون من خلال الممارسة والانخراط في مواقف الحياة حيث يكون التعامل مع الأفراد والجماعات، وحيث يكون اكتساب القيم والاتجاهات والعادات ذات الأثر الايجابي البناء كالتعاون والتساند الاجتماعي، وفق ما تحدده البيئة من معايير الخلق الطيب والسلوك الحميد الذي فيه خير ضمان لسلامة كيان الفرد والمجتمع، وأدب الحديث في المناسبات والمواقف المختلفة، وكذلك من خلال ما تراه العين من معالم الجمال وإدراك علاقاته المتمثلة في حسن التنظيم للأشكال والعناصر، فمجال الطبية والنظم المعمارية في البناء وإناقة الحدائق ونظافة الشوارع وحسن تأثيث البيت وأدوات تزيينه كل ذلك يترك أثره العميق في إكساب الصغار اتجاه حب الجمال وتقديره وانعكاس ذلك على ممارساتهم اليومية(1).

ثانيًا: أهمية التربية بالنسبة للمجتمع:

1/ التربية وسيلة لبقاء المجتمع:

إن الكائن البشري يصارع من أجل بقائه، ويكون صراعه هذا لجعل الطاقات المحيطة به مسخرة في صالحه، وهو يتفاعل مع البيئة وبهذا يستمر وجوده من خلال استمرار نشاطه فيها، بما يضمن سيطرته على الظروف البيئية المحيطة به، وإذا انتقلنا من حديثنا عن الحياة في شكلها الطبيعي إلى الحياة في شكلها الاجتماعي المشتمل على الخبرة البشرية، بما فيها من عادات ونظم ومعتقدات فإننا نجد تطبيقًا لمبدأ (الاستمرار من خلال التجديد)، إن عملية نقل الخبرة من جيل الكبار إلى جيل الصغار لا تنتهي أبدًا في المجتمع، وذلك أن اختلاف الأعمار بين الأجيال في المجتمع يبقى دائمًا عليها، فموت البعض وميلاد البعض الآخر يجعل من نقل الأفكار والأفعال استمرار إعادة صنع الحياة الاجتماعية، والتربية هي وحدها التي تصنع ذلك، وعندئذ تكون التربية دافع شخصي أكثر منها حاجة اجتماعية ملحة، ولكن في حقيقة الأمر تكون ضرورة اجتماعية، فكما أن التغذية والنمو لازمان للحياة العضوية، فإن التربية لازمة للحياة الاجتماعية(1).

2/ الاحتفاظ بالتراث الثقافي:

إذا أراد المجتمع المتحضر أن يكتب له البقاء والاستمرار، فلا بد له من الاحتفاظ بتراثه الثقافي وصيانته من الضياع والاندثار، وهو يرى أن أفضل سبيل إلى حفظه وصيانته نقله إلى الناشئين عن طريق التربية، والجيل القديم هو القيم على هذا التراث فيتمسك به ويرغب في نقله إلى الجيل الجديد، والجيل الجديد مستعد لأن يتلقى هذا التراث الثقافي، وهكذا تنتقل الثروة من جيل إلى جيل عن طريق التربية، ولولا هذا الانتقال لعاد المجتمع إلى همجيته وبداوته(1).

3/ تعزيز التراث الثقافي:

يحتاج المجتمع إلى التربية لأنها تساعده على تعزيز تراثه الثقافي فإذا وقف عند حد المحافظة على هذا التراث ولم يسعى إلى تجديده مجارة لروح العصر، كان مجتمعًا رجعيًا، وكان مثله مثل بركة ماء التي لم تجدد مياهها من حين إلى آخر حتى أصبحت فاسدة موبوءة، وأما التراث الثقافي، وإن يكن زاخرًا بما حصله الجنس البشري من علم غزير وخبرة واسعة فهو لا يخلو من العيوب، والمجتمع الذي يريد أن يسير في طريق الرقي متجنبًا ما من شأنه أن يعمل على ركوده وجموده، يتحتم عليه أن ينقي تراثه الثقافي من العيوب التي علقت به(1).

وإن عجز الجيل القديم عن ذلك أعد الجيل الجديد ليقوم بهذه المهمة، ومن هنا جاءت أهمية التربية في العمل على تعزيز تراث المجتمع الثقافي، علاوة على نقله والمدرسة التي تقف في أداء وظائفها عند حد النقل غير مجاوزة إياه إلى إصلاح شأن المجتمع تكون مقصرة أشد التقصير ومتخلفة عن المدارس الحديثة التي ما فتئت تسعى لخلق عالم جديد أفضل من العالم القديم، وصفوة القول أن التربية ضرورية للمجتمع، والمدرسة هي القيمة على تراثه الثقافي، تصونه فتربط الحاضر بالماضي، وتجدده فتربط الحاضر بالمستقبل، وهي من الجهة الواحدة تساعد المتعلم على تكييف نفسه وفقًا لعالم الأمس والاستفادة من ثروته، ومن الجهة الأخرى تساعده على تكييف نفسه وفقًا لعالم الغد والاستعداد لحياته الفضلى(1).

4/ من أجل تنمية المجتمع الاقتصادية والاجتماعية:

فالتربية والتعليم هما اللذان يقومان بإعداد الإطارات (الكوادر) لمختلف أوجه التنمية الشاملة اقتصاديًا واجتماعيًا ولكل مجتمع يريد التقدم والتطور ومن هنا تظهر أهمية التربية بالنسبة للمجتمع(1).

ثانيًا: العوامل التي أدت إلى ازدياد أهمية التربية في عصرنا الحاضر:

مدخــل:

تحتل التربية في عصرنا الحديث أهمية بالغة يعترف بها رجال السياسة والاقتصاد ورجال الاجتماع ورجال الدين والفكر، ولعله من المفيد أن نحلل بعض العوامل التي ساعدت على تطور التربية في عصرنا الحديث وهي على النحو التالي:

أولا: التربية أداة للتحرر القومي:

وعند ظهور حركة الاستعمار الأوروبي وسقوط كثير من دول آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية في يد الاستعمار الأوروبي، استخدم هذه الاستعمار التربية من أجل فرض لغته وثقافته والولاء له، ولذلك عندما عمت تلك الأقطار حركات تدعو إلى التحرر من الاستعمار وتحاول الوصول إلى كيان سياسي مستقل، أدركت تلك الحركات التحررية أهمية التربية في خلق أجيال جديدة يكون ولاؤها للوطن ولغته وثقافته، ولقد اشتدت حركة التحرر القومي منذ القرن العشرين وأدت إلى تحرر بعض الدول المستعمرة كانجلترا وإيطاليا وهولندا وبلجيكا وإسبانيا وفرنسا والبرتغال وما تزال هذه الحركة مستمرة لدى بعض الشعوب التي ما تزال مستعمرة، وكانت محصلة ذلك أن ازدادت أهمية التربية كأداة للتحرر السياسي والاقتصادي والثقافي، ويبقى الولاء للوطن وثقافته على مستوى العالم كله(1).

ثانيًا: التطور الاقتصادي في عصرنا الحديث:

رغم أن انتعاش التلعيم وازدهاره قد ارتبط على مر العصور بالازدهار الاقتصادي ، كذلك كان تدهور الاقتصاد يؤثر على الحالة التعليمية تأثيرًا سلبيًا، وذلك أن الاقتصاد سابقًا كان بسيط يمكن أن يتم بدون تعليم، كما كان طوال العصور القديمة والوسطى فالزراعة والرعي والصناعة في تلك العصور كانت سهلة وكان يمكن تعلمها خارج المؤسسات التعليمية، ولعل هذا السبب أن الاقتصاد ظل آلاف السنين على ما هو عليه دون قفزات ثورية.

أما في عصرنا الحاضر والحديث، فقد حدثت ثورة اقتصادية كبرى عندما أصبح الاقتصاد قائمًا على العلم ولقد أحدثت تطبيقات العلم والتكنولوجيا تطورات هائلة، في مجالات الزراعة، والصناعة، والتجارة، وفرض هذا التطور ضرورة إعداد الفرد في هذا العصر العلمي التكنولوجي إعدادًا يختلف إلى حد كبير عن إعداده السابق، وهذا قد زاد من أهمية التربية كتحقيق لهذا النمو(1).

وأثبتت التجارب المعاصرة ولأول مرة في تاريخ الإنسانية أن التطور التربوي قد يسبق التطور الاقتصادي فقد ظهر هذا الاتجاه بقوة ونجاح في بلاد كثيرة من أهمها اليابان والاتحاد السوفيتي – سابقًا – والولايات المتحدة الأمريكية، وقد اختارت بلاد كثيرة وخاصة البلاد النامية هذا الاتجاه في السنوات ألأخيرة على الرغم مما يرتبط به من صعوبات وتضحيات(1).

ثالثًا: شيوع العدل الاجتماعي والمساواة في الفرص التعليمية:

لقد ظهرت الأفكار التي تنادي بالعدالة الاجتماعية نتيجة لما أحدثته المظالم التي عانت منها الطبقات المحرومة داخل أوطانها، وهذه الأفكار تنادي إلى الفكر التربوي الحديث الذي يقوم على اعتبار التعليم حقًا من حقوق جميع الأفراد بصرف النظر عن الطبقة التي ينتمون إليها، ومن هنا جاءت قضية التعليم الاجباري، وإطالة مدته، كلما سمحت الظروف، وجاءت قضية تكافؤ الفرص التعليمية التي تكون فيها استعدادات التلاميذ واهتماماتهم هي المحددة لنوع التعليم ودرجة مواصلتهم له بعد أن كان الأمر فيما مضى حكرًا على طبقة معينة أو فئة معينة من ذوي اليسر الاقتصادي، وبشيوع تلك الروح فتحت مؤسسات التعليم أبوابها لأبناء الشعب على اختلاف طبقاتهم الاجتماعية على أساس المساواة في الفرص، وبذلك فإن انتشار مباديء العدل الاجتماعي كانت من أهم أسباب ازدياد أهمية التربية في عصرنا الحديث، سواء من حيث ازدياد الطلب على التربية، أو ظهور مؤسسات مختلفة جديدة أو نظم تربوية متعددة لتلبية الحاجات التربوية المختلفة لتلك الملايين المتزايدة عامًا بعد عام(1).

رابعًا: الإيمان المتزايد بضرورة التخطيط الاجتماعي والاقتصادي:

التخطيط بمفهومه العام هو رسم وتحديد المفردات التي ينبغي اتباعها في توجيه النشاط البشري اجتماعيًا واقتصاديًا لتحقيق نتائج معينة في فترة زمنية محددة، وكلما ازداد إيمان الدول بالتخطيط الاجتماعي والاقتصادي كلما ازدادت أهمية التربية كأداة لتربية الأجيال الجديدة القادرة على تحقيق أهداف التنمية الشاملة لبلادها، ولعل من أهام هذه الخصائص تلك الأجيال القادرة على النهوض بأوطانها الاستعداد للخبرات الجديدة، وتقبل التجديدات والعقل المفتوح والتوجه الديمقراطي والمحافظة على الوقت والمواعيد والتوجيه نحو التخطيط والالتزام والاعتقاد في التقدم والايمان بالعلم والتكنولوجيا.. الخ. وهذه كلها سمات شخصية تعتبر من صميم عمل المؤسسات التربوية(1).

خامسًا: التربية والسلام العالمي:

شاهد الإنسان في القرن العشرين الحرب العالمية الأولى والثانية كانتا نتيجة تنافس الدول الكبرى للحصول على المستعمرات وتأثر العالم كله بهذه الحرب، وذلك نتيجة لقيام التجارة العالمية فيما مضى تؤثر غالبًا على الأطراف المتحاربة، ولكن الآن تشمل معها العالم كله، ولقد ولد (الرعب النووي) شعورًا قوميًا لدى الكثير من رجال التربية بضرورة استخدام التربية كأداة عالمية لتنمية روح الإخاء والتفاهم بين الشعوب على أساس الحرية والتعاون والمساواة، وعلى أساس روح الإنشاء والبناء لا الهدم والتدمير، ومن هنا كانت منظمة اليونسكو العالمية للتربية والثقافة والعلوم، وكانت جهودها العديدة في هذا المجال، مما أعطى التربية خاصة في عصرنا الحديث كأداة من أدوات التواصل للسلام(1).

وننادى إلى الدعوة إلى تخفيض الأسلحة والاقلال من نفقات التسليح وتزداد يوما بعد يوم ونجد لها أنصار ومؤيدين على اتساع الدنيا كلها، من جانب الدول والشعوب، وفي نفس الوقت تزداد الدعوة إلى الاهتمام بالتعليم وتخصيص مزيدًا من الأموال والامكالنات من أجل التوسع والارتقاء بمستواه في كل مجتمع من المجتمعات، وتتبع هذه الدعوة أو تلك من اعتقاد أساسي وهو أنه إذا كان السباق في ميدان التسليح يزيد التوتر بين الدول والشعوب ويهدد مصيرها بالدمار والتخريب، فإن السباق في ميدان التربية يزيد من فرص التفاهم بينها ويجعلها أكثر قدرة على صنع مستقبل جديد يكون أساسه الأيمان بالانسان وبكرامته وبحقه متجددة حفية(1).

وذلك أن أعداد السكان في العالم في تزايد والأعداد الكبيرة من التلاميذ التي بدأت تحصل فجأة على فرص التعليم تستمر في طلب المزيد منه، حتى تصل إلى أعلى درجات السلم التعليمي، فإن الزيادة في معدلات القبول والقيد في المدارس والمعاهد والكليات على مستوى العالم يعتبر أمرًا متوقعًا في المستقبل، وقد ترتب على ذلك تضاعف النفقات على التربية والتعليم على أنحاء العالم، وبالتأكيد فإ، تلك النفقات سوف ترتفع أكثر فأكثر لشدة الاقبال على التعليم ولازدياد تكلفة التعليم بسبب ارتفاع الأسعار من ناحية وما يتطلبه التعليم الحديث من تكلفة أكبر من حيث المباني والأجهزة وإعداد المعلم الجيد والمناهج المتطورة والواقع أن نفقات التعليم تتجاوز بكثير النفقات العسكرية على الصعيد العالمي ورغم ما يقال كثيرًا عن حجم تلك المصروفات العسكرية(1).

المحور الرابع

كيف يتأتى للتربية أن تقوم بدور حقيقي في تغيير وإصلاح الفرد والمجتمع ..؟

أي ما الشروط التي ينبغي أن تتوافر في التربية لكي تستطيع أن تسهم في بناء ورقي الفرد والمجتمع؟

مدخل:

التربية تساهم مساهمة كبرى في تغيير المجتمعات وتمتين عرى التآخي بين أفراد المجتمع، ليس كذلك فقط بل أيضًا تستطيع تغيير مجرى التاريخ، فهي أداة قوية التأثير في المجتمعات، فهي تمثل فكر المجتمع وثقافته إلى غير ذلك..

وهي تستطيع أن تغير وتسهم في بناء ورقي الفرد والمجتمع، وإنني عندما بدأت التفكير والكتابة في هذا المحور وقفت في حيرة من أمري، هل أفصل الحديث عن التربية التي تسهم في بناء ورقي المجتمع عن تلك التربية التي تسهم في بناء ورقي الفرد.. أم أنني أدمج بينهما وأوضح تلك التربية التي تسهم في بناء ورقي الفرد والمجتمع معاً.. لأنني إذا تحدثت عن تلك التربية التي نحتاجها في عصرنا هذا أي الشروط التي تتوافر في هذه التربية في المجتمع، فكأنني تجاوزت الفرد وليس إهمالا بً، ولكن الفرد عضو في جماعة سعى لتحقيق أهدافها، والمجتمع عبارة عن مجموعة من الأفراد هدفها تحقيق الرفاهية والحياة الهانئة للأفراد، وكل هؤلاء يعيشون في ظل تربية معينة تقوم بتوجيههم ودفعهم إلى الاستمرار في الحياة والتناسق والانسجام في حياتهم اليومية مع المجتمع.

الشروط التي يجب أن تتوافر في التربية لكي تسهم في بناء ورقي الفرد والمجتمع:

إن تربيته في هذا المجال يجب أن تواجه ثلاث مسئوليات مترابطة:

1- أن تعالج التغير في الميدان الاجتماعي والصناعي والسياسي وفي ميدان التوجيه الروحي والفلسفي، وميدان التكوين الخلقي والنشاط الثقافي في آن واحد، وذلك أن تركيز الجهود في إصلاح ناحية واحدة من هذه النواحي مع إهمال النواحي الأخرى يعتبر هدمًا للتقدم برمته، فيجب أن تكون التربية شاملة في نظرتها عميقة في أصولها، بحيث تبدأ من مشكلتنا الحقيقية وهي مشكلة التفاوت بين الأجيال التي تعيش في وقت واحد في مجتمعنا الحاضر.. ولكن بتقاليد أو بعقليات وثقافات متفاوتة، وذلك بأن تتمكن هذه التربية من بناء ثقافة مشتركة حية.

2- أن تحول التربية نفسها إلى طاقات للتغير والتجديد والانطلاق لأن التربية السليمة هي التي تقدم على التغييرات الضرورية، إذا دعت الحاجة وما أحوج مجتمعنا إلى التغيير والمزيد منه في عصر تزداد فيه سرعة التغيير بدرجات لم يسبق لها مثيل، والسبب إلى هذا كله يرجع ألى تربية جديدة تستمد مقوماتها وأهدافها من استراتيجيتنا الجديدة التي أساسها الإيمان بالتغير والأخذ بأسباب التجديد من علم وديمقراطية ووحدة(1).

3- أن تنصب التربية على طاقات التغير والتجديد والانطلاق وهم الأفراد، حيث يتحدد عملها ومدى فعلها في الاندفاع المرغوب فيه على جميع المستويات، وذلك أن مصدر التغير لا يوجد في الأنظمة والقوانين بقدر ما يوجد في الأفراد، وانها تبدأ بالأفراد بفعل وعيهم المتزايد بمشكلات مجتمعهم وتطلعهم إلى مستقبل أفضل، وبقوة إدارتهم على التحرك والاندفاع للقضاء على هذه المشكلات والوصول من بعد ذلك إلى المستقبل بما يتضمنه من تصورات جديدة عن الأنظمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وما تقوم عليه هذه الأنظمة من قيم خلقية – ولا بد أن ننوه إلى أن ثروة الأمم هي الأفراد حيث أن هذا المصدر من الثروة هو الذي يتوقف عليه تحويل المصادر الطبيعية إلى أشياء مفيدة يمكن استغلالها وتدبيرها وتوجيهها إلى حيز المجتمع، كما يتوقف عليه إبعاد الأمة عن أن تكون موضع أطماع الآخرين ولكن إيجاد الطاقة البشرية الواعية المنتجة وذلك بالعمل الذي ينقل الأشياء من طور إلى طور، وترجمة المفاهيم الجديدة إلى سلوك يترتب عليه إنتاج أجيال أسعد واقدر وأذكى من الأجيال السابقة، وفي هذا خير وضمان لعدم انتكاس الوعي الذي وجد بل خير ضمان لكي تبنى الأجيال القادمة فوق الأساس الذي تحول التربية إرساءه(1).

والتربية التي نسعى إليها والتي تسهم في بناء الفرد والمجتمع تحاول وتساهم في رقي وبناء المجتمع أكثر من جانب من جوانب المجتمع، وذلك في الجانب الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والثقافي، والتربية هنا تعمل على تنمية كل جانب من جوانب المجتمع وتسعى إلى الوصول به إلى الرقي بالمجتمع، وذلك يكون في عدة نقاط:

(1) التربية من أجل التنمية الاقتصادية.

(2) التربية من أجل التنمية الثقافية والعلمية.

(3) التربية من أجل التنمية الاجتماعية.

(4) التربية من أجل الوحدة الوطنية والتنمية السياسية.

(5) التربية من أجل التنمية الشاملة.

وعند حديثنا عن القومية ودورها في تنمية المجتمع، سنتناول أول جانب وهو الجانب

التربية من أجل التنمية الاقتصادية:

مدخل:

إن التربية منذ نشأتها ملازمة للحياة البشرية وسابقًا كان التعليم والتربية قاصراً فقط على أبناء الميسورين والنبلاء وغيرهم، ومع تطور الحياة الإنسانية وتعقدها وانتقال المجتمع الإنساني من حالة البخار إلى الكهرباء، وزيادة الانتاج، ومن ثم سمح لأبناء الفقراء والبسطاء تعلم حرفة أو صناعة أو تدريب على وسيلة من وسائل الانتاج، على اعتبار أن أبناءها لا يلي بهم أن يقوموا بتلك الأعمال اليدوية، وهكذا ارتبط التعليم بالتطور الصناعي والزراعي والتجاري، أي ارتبط بالتنمية والتقدم الاقتصادي، وتنوع التعليم بتنوع وسائل الانتاج وظروفه ومن هنا لاحظنا الارتباط الوثيق بين التربية وا لتعليم والاقتصاد والتنمية الاقتصادية(1).

وإن الدول عند محاولتها التصدي لأنواع التحديات المختلفة التي تواجهها في مسيرتها نحو العصرية ونحو تحقيق الآمال العريضة لشعوبها، ونحو تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية لمجتمعاتها، إنما تتخذ من التربية وسيلة أساسية للتحقيق هذه الأهداف وذلك من إيمانها بأن التربية هي مفتاح الرفاهية والرخاء القومي، ولا يوجد استثمار آخر له عائد أكثر من استثمار الموارد البشرية والتي تعتبر التربية أهم مكوناتها(1).

التربية من أجل التنمية الاقتصادية:

تعتمد عملية التنمية الاقتصادية على عدة عناصر مشتركة ويمكن تصنيفها بإيجاز تحت العناوين التالية:

1/ نمو القوى العاملة:

تعتمد التنمية الاقتصادية على تنمية مهارات الأيدي العاملة وعلى سرعة تطبيق الأساليب والطرائق الجديدة في الصناعة والزراعة، فكل دولة ملزمة بالنمو الاقتصادي(1) لتحقيق الرفاهية للمجتمع والأباء بدورهم كذلك قد فرضوا على أبنائهم التربية حتى ينتهزوا الفرص التي لم تتح للآباء وأن الفرص الضخمة الحديثة للطلاب المقيدين في التعليم لها أسباب معقدة كثيرة اجتماعية واقتصادية، ولكن من الواضح أن الاعتراف المستمر بأن التربية ألآن – أكثر من أي وقت مضى – هي الباب المفتوح لزيادة الفرص الاقتصادية والعكس من ذلك ربما يكون الاعتراف بأنه بون التربية تصبح الأبواب مقفلة، وأن المصادر الانسانية المتعلمة المستثمرة في النشاط الاقتصادي تنتج الثروة المتزايدة، وأحسن استثمار – الانسان – كما تدل الدلائل هي استماره لنفسه(1).

ومن جهة أخرى أن النمو الاقتصادي يتطلب وجود المزيد من الماهرين وسيلاً متواصلاً من الآراء الجديدة المتمثلة في أساليب الانتاج الجديدة، فإن نظام التعليم يحتل مكانة جديدة ومهمة في حياة المجتمع، فلم يعد في وسع الشباب أن يلتقطوا المهارات عن آبائهم أو أمهاتهم أو غيرهم من الكبار في القرية، وتعتبر الطرق التقليدية القديمة في الانتاج غير نافعة ولا بد للادارة في المصنع أو بناء جيش أو تطوير طريقة من توفير تدريب أصيل وجيد ولا يكون مثل هذا التدريب مثمرًا إلا إذا كان المقبلون عليه حائزين على العلوم الأولية على الأقل، فيجب أن يكونوا قادرين على القراءة والكتابة والحساب، وعلى المؤسسات التعليمية التربوية التحول من ألأسلوب التقليدي القديم، إلى ألأسلوب الجديد وإنما هو التحول عن المعتاد إلى ما هو موجه نحو التغير، وهذا التغير الثقافي العميق يجب أن يكون مضمونًا وهو يمثل عملية مضنية ولكن ينبغي عملها وبسرعة(1)، ويجب أن نعد الخريجين لسوق العمل وذلك من خلال إعدادهم لما هاو محتاج له سوق العمل وكذلك فيما يجعل من سوق العمل مزدهرًا ومتنوعًا من جميع المجالات، وذلك من حيث ألا نجعل الخريجين يسرعون إلى الاشتغال بالوظائف الحكومية المكتبية التي في نظر المجتمع جذابة اقتصاديًأ ومحترمة اجتماعيًا، بل كذلك أن أحول أنظارهم إلى الحرف الأخرى التي تلاقي النجاح المحدود، وذلك لأن أخذ جانب واحد من جانبين الموضعي وهو تغيير طابع المقيدين في المدارس المهنية دون أن يغيروا المثيرات الاقتصادية التي تجذب الطلاب لهذه المدارس، ولكن هذا لم يثبط عزيمة الطلاب، ولكن يجب على الدول أن تقدم المثيرات الاقتصادية للعمال المهرة والفنيين المتوسطين فهؤلاء الفنيون قد تدربوا في المدارس المهنية التي تقع عادة في قاع السلم التعليمي، ولكن أجور ومرتبات الخريجين تتجاوز الآن عادة أجور ومرتبات أصحاب الوظائف الكتابية الحكوميين والعاملين الآخرين(1).

2/ تراكم رأس المال المادي:

من البديهيات أن النمو الاقتصادي يعتمد بالدرجة الأولى على النسبة التي تخصص من الدخل القومي للاستثمار الفعلي وقد قورنت النسب العالمية للاستثمار في الاقتصاد المتقدم بالنسبة المتدنية في الاقتصاد المتخلف فتبين بوضوح أن الزيادة في مجمل رأس المال التي تسمح به النسب العالية للاستثمار كانت السبب الرئيس في زيادة سريعة في مجمل الانتاج، غير أن الأدلة المتجمعة من بلدان كثيرة تشير إلى أن الأمر ليس كذلك بصورة حتمية، ففي النرويج مثلاً حيث نسبة الاستثمار الفعلي عالية نجد نسبة النمو الاقتصادي متدنية، وغيرها من ان لدول، ولذلك استنتج العديد من علماء الاقتصاد أن الدليل على النمو الاقتصادي ليس في حجم الاستثمار بل إنمنا في تركيب هذا الاستثمار وطبيعته.

3/ الاضافات في مخزون المعلومات والمهارات في المجتمع:

إن الانفاق على التعليم يعتبر ركنًا أساسيًا من رأس المال الثابت، إذ أن الموارد والمصروفات التي تنفق على عملية التعليم تعتبر انفاقًا استثماريًا وليس انفاقًا استهلاكيا، لذا يعتبر نوعًا من الاستثمار البشري في العملية الانتاجية، كما يعتبر سلعة اقتصادية متصلة بحاجات المجتمع، والتعليم بالتالي يدفع إلى العمل والانتاج ويؤهل الكوادر لاستغلال قدراتها واستعداداتها لخدمة المجتمع وتطوره وتقدمه، وتزيد من أوجه المعرفة والمهارات والامكانيات التي تؤدي بدورها إلى زيادة رأس المال(1)، وذلك أن للتعليم أبواب تسهم في النمو الاقتصادي، منها:

1- الباب الأول: أن التنمية التي تتمثل بها الأفكار الجديدة أو الأساليب الجديدة في الانتاج في رأس المال الفعلي هي التي تقرر النسبة التي يتقدم بها الاقتصاد بمجمله، وأن التعليم العالي والمؤسسات البحث العلمي تنبثق من الأفكار والأساليب الجديدة.

2- إن القوة العاملة التي تتألف من فئات ذات مهارات متفاوتة وتصبح بعد ذلك المهارات التي يكتسبها الأفراد هي نتيجة التعليم والتدريب اللذين توفرهما عادة المدارس والمعاهد والجامعات، مع العلم أن قسطًا كبيرًا منهما يكتسب أثناء الممارسة العملية.

العلاقات والمواقف الخفية التي تربط بين أداء العمال والمستهلكين يجب على الدولة أن تتمتع بدرجة عالية من التعليم، مستعدة لتقبل التغير ودعم التغيير(1).

إن استخدام التربية في التنمية الاقتصادية تتطلب أمرين:

الأمر الأول: سياسة قومية تعترف بأن التربية مطلب أساسي من أجل التنمية الاقتصادية.

الأمر الثاني: اعتبار للميزات التي يجب أن تتمتع بها التربية لتسهيل عملية التنمية الاقتصادية(1).

بعض عناصر السياسة التربوية الايجابية من أجل التنمية الاقتصادية:

1- توجيه السياسة القومية إلى النمو الاقتصادي، أي أن الأفراد الذين تبلدت أحاسيسهم بالفقر والحرمان هم متمسكون بكل الوسائل المتاحة لمحو الفرص التعليمية وأن الأساس للحياة الطيبة أيا كانت – هي دائمًا حد أدنى من الصحة والكرامة.

2- أن أي سياسة للتربية من أجل التنمية الاقتصادية لا بد أن نعترف بأن التربية لا بد وأن تتداخل مع التنمية الشاملة ويجب أن نوجه التربية إلى كل من القيم الاقتصادية وغير الاقتصادية.

3- التربية من أجل التنمية الاقتصادية يجب أن تكون مخططة حتى تساعد على نشر الفرصة الاقتصادية والعائد لكل الجماعات العريضة في المجتمع.

4- ومهما يكن فإن التربية المخططة من أجل التقدم الاقتصادي للجميع لا تقترح بالضرورة سياسة استثمار تربوية متساوية مطبقة بالعدل على الجميع، أي بالرغم من أن الهدف من هذه السياسة يجب أن يكون الانتشار الواسع للأرباح الاقتصادية، فإن إمكان الوصول إلى هذا الهدف يمكن أن يتناقص في الواقع من طريق النفقات التربوية المتساوية على كل فئات الشعب الدارسين في أي وقت معين.

5- إذا ما أخذت سياسة ما للتربية من أجل التنمية الاقتصادية في الحسبان عوامل مثل تلك العوامل المذكورة سابقًا فإنها يجب أن تفعل ذلك مع اعتبار الاقتصاد هدفًا أساسيًا للتوجيه ونحن نعني بالاقتصاد الاستخدام السليم للمصادر النادرة في البرامج التربوية بطريقة ما حتى يتحقق الحد الأقصى للعائد من الاستثمار الاقتصادي، بأن السياسة يجب عليها أن تحدد الغايات الاقتصادية التي تنشدها وحينئذ تستنبط الوسائل الاقتصادية لتحقيق تلك الغايات.

6- أن السياسة يجب أن تأخذ في الحسبان العوامل الاجتماعية والثقافية في التربية التي تسهم في التنمية الاقتصادية وتهيء لها مكانًا في التخطيط التربوي.

7- إن أي سياسة تربوية من أجل التنمية الاقتصادية سوف تتطلب أن يكون البحث والتجريب والفرض غير المختبر هي الأسس للتخطيط التربوي أكثر من مجرد الاحساس الشخصي أي يجب أن تخضع البحوث المناسبة أي البحث الذي يعكس الضوء على كثير من العوامل التربوية التي تحتاج إلى أن تختبر من حيث قيمتها الاقتصادية، مثال ذلك البرامج المهنية والفنية وبرامج التربية العامة والتكاليف في علاقتها بالانتاجية التربوية(1).

8- وأخيرًا فإن التربية من أجل التنمية الاقتصادية يجب أن تخطط مع التقدير الواجب لنتائجها الاجتماعية، إذ يجب أن تكون هناك سياسة مسؤولة اجتماعيًا آخذة في الحسبان المدى الممكن للمعرفة المتاحة والنتائج الاجتماعية لمختلف المقررات في العمل التربوي وبإيجاز يجب أن تكون هناك سياسة للتربية من أجل التنمية الشاملة حيث تجد التنمية الاقتصادية مكانها.

ولننتنقل من الاعتبارات السياسية التي تفرض على التربية من أجل التنمية الاقتصادية إلى بعض المكونات النوعية للنظم والبرامج التي تطمع في أن تسهم في التنمية الاقتصادية، وبعض مميزات الأساسية للأنظمة التربوية التي تبدو أنها مدعمة للنمو الاقتصادي، وهي:

1) أن التربية من أجل التنمية هي في الواقع متعلقة بالمعرفة والمهارات مجددة وفي المجتمع التكنولوجي يجب أن تواجه المطالب العقلية الأكثر جمودًا ، ولكن التربية أكثر من مجرد مجموعة معارف أو أكثر من مجرد اكتسابها لها، أنها مدخل إلى خلق المعرفة واستخدامها ، إنها طريقة لتناولها واختيارها واستخدامها، هذا الاهتمام بإنتاج الوسائل واستخدام المعرفة أكثر من المعرفة في حد ذاتها قد يكون مفتاح الموقف لفهم التربية من أجل التنمية الاقتصادية، وإذا كان ذلك صحيحًا فإننا نحتاج إذن إلى أنظمة تربوية تفتح الباب لاكتساب المعرفة الجديدة من خلال استخدام المعرفة الموجودة والأخذ الجاد بذلك المدخل إلى التعليم يتطلب تفكيرًا وتطبيقًا قويين جديدين بالنسبة للعملية كلها.

2) إن التربية المناسبة اقتصاديًا تقدم برامج قابلة للتطبيق في المجالات المهنية والتكنولوجية والعلمية والحرفية المتمشية مع مرحلة التنمية التي تمر بها البلاد، وربما يكون الخطر الأعظم في هذا المجال هو أن البلاد النامية تحاول أن تقلد البرامج التكنولوجية المتعددة للبلاد المتطورة بدون تعديل سواء كانت مناسبة للظروف المحلية أم لا.

3) أن البرامج يجب أن تتميز بالتوازن في الدراسات المهنية والعامة، فهي نطاق التقاليد الخاصة بالدولة التي يمكن لكل بلد أن يقرر أي مقدار من البرنامج التربوي سوف يوجه عمليًا للوظيفة بطريقة واضحة وأي حصة منه سوف تخصص للتعليم العام ويمكن أن نستنتج الدولة أن مشكلاتها التربوية يمكن أن تحل مثلاً بتمهين النظام التربوي وتحويل أعداد متزايدة وضخمة من الدارسين إلى المجالات المهنية والتكنولوجية ولكن الخبرة لا تجسد الأمل، وأنه من السهل أن يوجد فائض من الخريجين المهنيين، تمامًا كما يحصل مع خريجي الآداب، أن المشكلة تتعقد كثيرًا إذا تدرب الخريجون المهنيون من أجل أعمال محددة وأكثر تخصصية مع عدم القدرة على تحويل مواهبهم إلى قطاعات أخرى عن سوق الأعمال حيث توجد الوظائف.

4) التربية من أجل التنمية الاقتصادية تقدر لنظام العمل والتنمية الاقتصادية تعتمد على الانتاج الذي يأتي من طريق العمل، ما يتعلم حول العمل على تحقيق الأهداف أن التنمية تشتمل على أمور ينطلق بالقوة والعمل واحد منها(1).

2/ التربية من أجل التنمية الثقافية والعلمية:

مدخل:

التربية لا يمكن دراستها إلا في إطارها الثقافي، لأن الشخصية التي تعمل التربية على إنمائها تتحدد إلى حد ما بالثقافة والتلميذ الذي تستقبله المدرسة هو نتاج ثقافي بيولوجي، فالتربية تغترف من الوعاء الثقافي العام للمجتمع، وتعتمد أهدافها على طبيعته وفلسفته وآماله ومشكلاته، وهي مؤسسة الثقافة التي عن طريقها يبقى المجتمع ويستمر ويتقدم ويتطور(1) فلا مجتمع بدون ثقافة، ولا ثقافة بدون مجتمع، وإن كانت التربية غاية في حد ذاتها، وهي إعداد الفرد للحياة فإن الثقافة من وسائل التربية التي يستعان بها في تكوين وإتمام هذا الاعداد، والتربية يمكن أن تسهم في التغيير في المجتمع من أجل تنميته والرقي به(1).

التربية من أجل التنمية الثقافية والعلمية:

(1) إذا كانت التربية هي أحدى الوسائل الهامة للاستمرار الثقافي في المجتمع بما يستخدمه من أساليب وطرق يتمرسها الأفراد ويعايشونها، فيضيفون إليها ويطورونها أو يجدون فيها ويبتكرون الحديث منها باعتبارها عملية تنشئة اجتماعية.

(2) ذلك مما يتخذه المجتمع من أدوات التغيير وتنظيماته مستعينة بالمستحدثات التكنولوجية في المجتمع وما تتبعه من قوى التغير وفي مقدمتها المدرسة(التعليم النظامي) والمنشآت التعليمية من خلال مناهجها وبرامجها الدراسية وأنشطتها التربوية، فهي:

أ‌. تستطيع تعميق المفاهيم الجديدة وترسيخها أو تستبدل فيها بقيم أخرى.

ب‌. أو تضيف ألوان من المعرفة ورصيد من المعلومات إلى عقول الناشئين ومداركهم وهؤلاء بدورهم يسهمون في احداث التغير الثقافي في مجتمعاتهم وعن طريقهم يمكن إعادة بناء المجتمعات.

(3) كذلك تستطيع التربية أن تمهد التغير الثقافي بأساليب تدريجية مرحلية مستخدمة ما لديها من وسائل مناسبة بالاضافة إلى إمكانية تنسيق الاتجاهات السائدة في المجتمع والتوافق بين القديم والحديد، إلى جانب استطاعتها تذويب أنواع الصراعات في المجتمع (قيم، اتجاهات، ميول)، ويجب أن تتلاءم طرز الثقافة قديمها وجديدها مع حياة الجماعة البشرية في المجتمع، ولعل ذلك يصدق بوضوح عند قيام الثورات ذات الطابع السياسي في عهد الاستعمار الفرنسي للجزائر الذي استمر نحو 130 عامًا.

(4) الثقافة تخضع للتربية في عملية التغير وتتأثر بما توجده التربية في نفوس الأفراد وعقولهم، إذ أن التغير يبدأ أولا وقبل كل شيء في أفكار الأفراد وميولهم ومن ثم يتحول إلى مدركات ومرئيات في المجتمع، وهذا ما تؤدكه الآية الكريمة، قال الله تعالى: إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، وما دامت التربية تتم داخل المجتمع وهي في نفس الوقت في علاقة تبادلية مع الثقافة التي يحولها أفراد المجتمع، فهذا يعني أ، كلا منهما يعنمد على الفرد في حدوثه وإتمام فاعلية.

(5) يهدف هذا النوع من التنمية إلى بناء الإنسان بناء معنويًا ويظهر ذلك في تربية الإنسان وأثراء وجدانه بالقيم الروحية والتقاليد الأصلية، ومحو أميته الثقافية، وإشاعة التفاؤل والاشراق عنده وإزالة الضغوط الاجتماعية والنفسية، وتحقيق جو ديمقراطي من حوله، تزدهر فيه طاقاته وفكره كي يتمكن من الابداع والاكتشاف والاختراع(1).

ويمكن تلخيص وظيفة التربية في ناحيتين هما:

أ‌. الاحتفاظ بالثقافة ونقلها.

ب‌. إثراء التراث الثقافي وتجديده.

وأن موقف التربية من هاتين الوظيفتين ليس واحد في جميع عناصر الثقافة، وإنما يختلف باختلاف درجة أصالة العنصر الثقافي الذي تتعرض له ، ففي العموميات ترد التربية قبل إفساح المجال لأي تعديل أو تجديد ومن ثم فإن وظيفة المحافظة بارزة إلا أن ذلك لا ينفي عن التربية أنها أداة تجديد، ولكن بقدر معين ولكن في الخصوصيات نجد التربية أكثر تحررًا لأنها تأخذ رأي المجتمع في ذلك(1).

3/ التربية من أجل التنمية الاجتماعية:

مدخل:

إن التربية هي العملية الجديرة بالنهوض بمستوى الأفراد وتكوين شخصياتهم كما أنها العملية التي تبني الفرد الذي هو قوام المجتمع، فإذا كان الإنسان هو صانع الحضارات التي تسهم بها المجتمعات، فكانت التربية هي صانعة الإنسان، فقد أصبح للتربية دورها الفعال في تكوين المجتمعات.

التربية من أجل التنمية الاجتماعية:

إن عناية التربية والتعليم في أي مجتمع تتحقق بسد حاجات الأفراد الذين يعيشون فيه، ومن شأن التربية أيضًا تنمية الموارد البشرية التي هي في الواقع عماد التنمية الاجتماعية والاقتصادية أيضًا.. وقد لا يكون مغالاة في القول بأن التنمية البشرية الإنسانية تعادل قيمتها بل تزيد على رأس المال المادي.

وقد دلت البحوث على أن الوفرة في الإنتاج لا يمكن ردها إلى عوامل رأس المال والعمل وحدهما، وإنما أيضًا إلى أثر التربية والتعليم، وما يترتب عليها من قوى ابتكارية وتنظيمية في المجتمع.

إن اصطلاح (التنمية الاجتماعية) ما يزال غير محدد المعالم سواء في كتابات علماء الاجتماع أو على مستوى التطبيق، ويختلف العلماء في فهم عملية التنمية، فيرى البعض أنها عملية تشير إلى برامج الرعاية الاجتماعية التي تحقق عن طريقها التشريعات الحكومية والتي تتمثل في توفير التعليم والمسكن الملائم والعمل المناسب والدخل الذي يوفر احتياجات الأفراد والضمان الاجتماعي والتأمين الصحي، والترويح المجدي، والقضاء على الاستغلال وعدم تكافؤ الفرص والانتفاع بالخدمات الاجتماعية المختلفة...الخ.

إن كل ذلك يؤدي بالتأكيد إلى زيادة الكفاية الانتاجية وبواسطته يمكن استثمار طاقات الأفراد إلى أقصى حد ممكن ولكن التنمية الاجتماعية أكثر من ذلك، إنها عمليات التغير الاجتماعية المقصودة والمخطط لها، إنه التغير الاجتماعي الذي يسعى إلى تغيير التركيب السكاني والطبقات الاجتماعية وأنظمته وأنماط العلاقات الاجتماعية السائدة في المجتمع، وهو كذلك التغير في القيم والمعايير السلوكية، وبهذا تصبح التنمية الاجتماعية ليست مجرد تقديم الخدمات وإنما هي الجهود المنظمة لتغيير الأوضاع الاجتماعية، التي لم تعد تواكب الحضارة وتطور المجتمعات، والوصول بالمجتمع إلى بناء اجتماعي يحقق القسط الأوفر من احتياجات الأفراد كما تهدف إلى القضاء على الفقر والأمية والمرض والجريمة ومعالجة الهجرة والاكتظاظ في المدن وغير ذلك من المشاكل التي تعطل نمو المجتمع وتطوره، كما تحقق التنمية الاجتماعية العدالة والمساواة والرفاهية بين الأفراد، بالاضافة إلى ذلك فالتنمية الاجتماعية نوع من الاستثمار ذو مردود اجتماعي، يمكن حسابه وتقديره، وتمثل هذا المردود في تخفيف حدة المشكلات الاجتماعية ومحو الأمية وخفض معدلات الطلاق(1)، والجرائم المتنوعة وتهيئة المناخ الصحي لنمو الأفراد ورفاهية ألأسرة وإعداد الطاقات البشرية وتدعيم الكفاءات العلمي.

وهكذا نرى أن دور التربية والتعليم في التنمية الاجتماعية يساعد على اكتشاف الأفراد وتنميتهم ويهيء لهم سبيل التفكير الموضوعي في مختلف المسائل، ويزيد قدرتهم على الخلق والابتكار، كما يحفز الأفراد على تحقيق التقدم، ويجعل العقول والنفوس أكثر استعدادٍا لتقبل التغير الايجابي والرغبة فيه.

كما يعتبر التعليم إحدى القوى المحررة للأفراد والجماعات الاجتماعية، لأنه يزيد من طموح الأفراد ويدفعهم إلى الصمود في السلم الاجتماعي والالتحاق بالجماعات المطالبة بتحسين أوضاعهم

الال


عدل سابقا من قبل الشيخ راكان في السبت أكتوبر 13, 2012 6:00 am عدل 1 مرات (السبب : اضافة مراجع)

الشيخ راكان

عدد المساهمات : 43
تاريخ التسجيل : 18/09/2010

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى